العولمة والتكنولوجيا الرقمّية: الاتجاهات الجديدة في التطور التكنولوجي والتطبيقات الذكية في المواصلات والتزويد وأثرها على القطاعات الصناعية والتجارية خاصة صناعة التأمين

0

الدكتور سعود الشَرَفات
مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب ـ الأردن

تعتبر سيرورة العولمة بما فيها التطور المتسارع في التكنولوجيا خاصة في مجال التكنولوجيا الرقمّية من الأسباب الرئيسة في ثورة وتمزق قطاعات الأعمال والصناعات .

و تأتي على رأس هذه القطاعات صناعة النقل والمواصلات والإمداد والتجهيز التقليدية التي أصبحت على حافة التمزق والتحطم في المستقبل القريب.

تحاول هذه الورقة الأولية لمركز شُرُفات أن تتبع تأثيرات هذا التسارع الهائل في التكنولوجيا الرقمية على قطاعات صناعة النقل والمواصلات والإمداد والتجهيز التقليدية التي أصبحت على حافة التمزق والتحطم في المستقبل القريب. والتركيز على ثورة التكنولوجية الرقمية والتطبيقات الذكية واتجاهاتها العظمى في قطاعات النقل والتزويد في المستقبل وتأثير هذه التطورات التكنولوجية والنماذج الجديدة لقطاعات الأعمال في المجالات التالية:

١ـ المركبات المرتبطة أو ذات التحكم الذاتي.

٢ـ المواصلات حسب طلب الراكب (مثل شركة اوبير ولفت ).

٣ـ التزويد حسب الطلب.

٤ـ الطائرات بدون طيار.

٥ـ الذكاء الصناعي.

أن هذه المجالات أعلاه ستشهد في المستقبل القريب ثورة هائلة في معنى المواصلات والتزويد والإمداد والشحن والتحميل من قطاع الى قطاع (بي تو بي) التقليدي ، والتوصيل والتسليم السريع في التجارة الإلكترونية، وإدارة أساطيل الشحن البري والبحري الجوي، وقطاعات الصناعات والأعمال الاتوماتيكية.

والتطبيقات الذكية هي برامج إلكترونية تقدّم من خلال الشبكة المعلوماتية، وتكون مصممة لأداء مهام أو وظائف محددة أو أنشطة مترابطة لصالح المستخدمين مباشرة أو لصالح تطبيقات أخرى وتعمل على الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب اللوحي وغيرها من الأجهزة النقالة.

في الاتجاه الأول يجب أن نتعلم أن الاستراتيجيات التي يتبعها المُصنعين، ومزودي التكنولوجيا هي: تعلم حقيقة التعليمات الآن؛ ثم التشريعات التي ستتبع؛ واحصل على تصور عن كييف ستتغير البنية التحية للطرق والمواصلات، ثم أنظر من سيبرز كفائزين أو خاسرين محتملين.

وفي الاتجاه الثاني الحركة حسب الطلب Mobility on Demand (uber, lyft)

فإن من اهم من يمثل هذا الاتجاه الآن الشركات العملاقة مثل (أوبر ولفت) وغيرها. والشركات الجديدة التي ستدخل السوق، ويجب فهم ماذا يريد المستخدمين المستهلكين من هذه الخدمات، ثم في نفس الوقت كيف سيتكيف ويتعامل مزوّدي الخدمة مع هذه الطلبات؛ إضافة الى ضرورة تعلم وادراك التحديات والفرص التي ستجلبها بيئة التغير السريع في الأنظمة والتشريعات.

تخلق هذه الاتجاهات فرصاً استثمارية هائلة. مثال ذلك الاستثمار السعودي في شركة (أوبر)، حيث أعلن كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذراع الاستثماري السيادي للمملكة للاستثمارات طويلة الأمد، وشركة أوبر، عن استثمار للصندوق في أوبر بقيمة 3.5 مليار دولار أميركي وذلك وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية 2016“.

وفي الأردن قرر مجلس الوزراء بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2017 الموافقة بعد جدل طويل وخلافات مع قطاع النقل التكسي المعروف بالأردن (التكسي الأصفر) الذي هدد بالإضراب عن العمل؛ على نظام تقديم خدمات نقل الركاب باستخدام التطبيقات الذكية حيث تنشط الآن شركة أوبر وكريم .

وجاء النظام لغايات تنظيم نقل الركاب من خلال استخدام التطبيقات الذكية، وإخضاع هذه الخدمة الى خدمات هيئة تنظيم النقل البري وترخيص الشركات التي تقدم هذه الخدمة.

وتعرف خدمة نقل الركاب من خلال استخدام التطبيقات الذكية على انها نقل الركاب مقابل أجر من خلال استخدام التطبيقات الذكية. وبموجب النظام يحظر على شركات نقل الركاب من خلال استخدام التطبيقات الذكية العمل إلا بعد الحصول على الترخيص والتصاريح اللازمة من هيئة تنظيم النقل البري وتقديم شهادة تسجيل الشركة لدى دائرة مراقبة الشركات.

ويتضمن النظام الشروط الواجب توفرها في مقدم الخدمة، منها أن يكون اردني الجنسية، ولائقاً صحياً بموجب شهادة من الجهات الرسمية، وحاصلاً على رخصة قيادة أردنية سارية المفعول منذ مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا يتجاوز عمره 60 عاماً، وان يكون حسن السيرة والسلوك، وغير محكوم بأية، جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأخلاق والآداب العامة، كما يشترط النظام أن لا تقل سعة محرك السيارات العاملة بالبنزين والسيارات العاملة بالكهرباء والسيارات الهجينة عن السعة المحددة في التعليمات الصادرة لهذه الغاية، وان لا يتجاوز عمر السيارة عن خمس سنوات، وان تحمل ملصقاً خاصاً تحدد مواصفاته بموجب تعليمات تصدر لهذه الغاية.

كما يشترط أن تكون السيارة مرخصة ومؤمنة تأميناً إلزامياً وفقاً لأحكام نظام التأمين الإلزامي للمركبات النافذ، بالإضافة الى تأمين مسؤولية يغطي المسؤولية عن الأضرار التي تلحقها السيارات المرخص لها بتقديم خدمة النقل للركاب من خلال استخدام التطبيقات الذكية يزيد عن التغطيات التأمينية التي يوفرها نظام التأمين الإلزامي للمركبات النافذ والتعليمات الصادرة بمقتضاه. ويلاحظ هنا كيف أثرت عملية دخول هذه الخدمة على متوالية من الإجراءات والأنظمة في القوانين والقطاع الاقتصادي والتأمين الخاص بالمركبات .

لقد فرضت تكنولوجيا الحرب والمعدات القتالية والابتكارات المستمرة، مخاوف عالمية من إمكانية استغلالها من قبل التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لهم، في شن هجمات إرهابية واستهداف مدنيين.

وفي هذا المجال، حذرت لجنة تابعة لمجلس اللوردات البريطاني، من أن الدول الداعمة للإرهاب والإرهابيين قد يحصلون “في المستقبل القريب” على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القاتلة ، خاصة استخدام الطائرات بدون طيار.

وأشار نائب رئيس قسم البحوث في شركة “تال” الفرنسية العملاقة في مجال شؤون الدفاع، التي تزود الجيش البريطاني بطائرات استطلاع موجهة ألفين ويلبي، الى زيادة احتمال شن هجمات باستخدام “أسراب” من الطائرات الصغيرة الموجهة التي تستطيع اختيار أهداف محددة من خلال مدخلات بيانات محدودة من البشر، وفق ما أوردت شبكة “بي بي سي”.

وصرّح أمام لجنة الذكاء الاصطناعي بمجلس اللوردات بأنّ “التحدي التكنولوجي لزيادة هذه الأسراب وأشياء من هذا القبيل لا يحتاج الى أي خطوة ابتكارية”، مضيفاً أنّها “مسألة وقت وتوازن وأعتقد أنه واقع ينبغي لنا أن نقلق بشأنه”.

وقال نويل شاركي الأستاذ الفخري في مجال الذكاء الاصطناعي وأجهزة الروبوت في جامعة شيفيلد ، إنّه يخشى من امتلاك جماعات إرهابية مثل؛ تنظيم “داعش” مجموعة من “النسخ السيئة للغاية” لهذه الأسلحة دون تجهيزها بوسائل الحماية لمنع القتل العشوائي.

وأضاف شاركي في اجتماع لجنة الذكاء الاصطناعي لمجلس اللوردات أنّ ذلك يزيد القلق بشأن امتلاك الدكتاتوريين المستبدين هذه الأسلحة، التي لن يحملها جنودهم لقتل السكان. وكشف شاركي أنّ تنظيم “داعش” يمتلك بالفعل طائرات موجهة كأسلحة دفاعية، على الرغم من أنها تعمل حالياً بتوجيه بشري عن بعد.

وقال شاركي، وهو متحدث باسم حملة “أوقفوا الروبوت القاتل”، “لا أريد أن أعيش في عالم يمكن أن تحدث فيه حرب خلال بضع ثوان فجأة ويموت الكثير من الناس قبل أن يستطيع أحدهم وقف ذلك”.

وتابع أنّ الطريقة الوحيدة لمنع هذا السباق الجديد للتسلح هي “وضع قيود دولية جديدة لذلك”، وهي خطوة يروج لها في الأمم المتحدة بوصفه عضواً في اللجنة الدولية للسيطرة على أسلحة الروبوت.

واستمعت لجنة مجلس اللوردات، التي تحقق في تأثير الذكاء الاصطناعي على الأعمال والمجتمع، الى مجالات التطوير في الذكاء الاصطناعي التي يجريها القطاع الخاص، على النقيض من العصور السابقة، التي كان يقود فيها الجيش طرق تطوير التكنولوجيا، ما يعني صعوبة وقوعها في اليد الخطأ.

وكانت مؤسسات أميركية للأبحاث ومجلة فورين أفيريز 5/12/ 2017 حذرت مؤخراً من أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصينية وتطويرها قد يشكلان تهديداً للتوازن الاقتصادي والعسكري للقوى العالمية وتحدٍ للقوة الأميركية.

في الخلاصة تخلق هذه الاتجاهات فرصاً استثمارية هائلة للأفراد والشركات والدول لكنها تخلق بنفس الوقت تحديات وصعوبات، والناجح والفائز هو من يتمكن من سرعة التكيف والتأقلم مع هذه التحديات، أما الخاسرون فإنهم يخرجون من السوق.

-نشرت المقالة في العدد السنوي الخاص من مجلة المراقب التأميني اللبنانية عدد لعدد 315 ‐ ألعدد السنوي
http://www.almorakebgroup.com/content/post/2790, 2018


About Author

Saud Al-Sharafat ,Phd https://orcid.org/0000-0003-3748-9359 Dr. Al-Sharafat is a Brigadier-General (Ret), Jordanian General Intelligence Directorate (GID). Member of the National Policy Council (NPC), Jordan, 2012-2015. The founder and director of the Shorufat Center for Globalization and Terrorism Studies, Amman. His research interests focus on globalization, terrorism, Intelligence Analysis, Securitization, and Jordanian affairs. Among his publications: Haris al-nahir: istoriography al-irhab fi al-Urdunn khelall 1921-2020} {Arabic} {The River Guardian: the historiography of terrorism in Jordan during 1921-2020}, Ministry of Culture, Jordan, www.culture.gov.jo (2021). Jordan, (chapter)in the Handbook of Terrorism in the Middle East, Insurgency and Terrorism Series, Gunaratna, R. (Ed.), World Scientific Publishing, August 2022, 47-63 https://doi.org/10.1142/9789811256882_0003. Chapter” Securitization of the Coronavirus Crisis in Jordan, “Aslam, M.M., & Gunaratna, R. (Eds.). (2022). COVID-19 in South, West, and Southeast Asia: Risk and Response in the Early Phase (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003291909

Leave A Reply