الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب للرئيس دونالد ترامب -واليمين الامريكي المتطرف

0

الدكتور سعود الشرفات -مدير مركز شرفات 

أنها “استراتيجية واقعية لعصر من التحديات”، هكذا وصفها كليفورد ماي -مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في امريكا عقب نشر الاستراتيجية في 10اكتوبر2018.
تبدأ الاستراتيجية الجديدة للرئيس الامريكي ترامب والتي أعلن عنها في البيت الأبيض في 5-تشرين أول -أكتوبر 2018م وبدأها بالقول بأنه يعد الشعب الامريكي “وعدّ سليمان”(المقصود وعد سليمان لله في الكتاب المقدس الأنجيل بأنه سيبذل قصارى جهده في الطريق الذي اختاره له الله ) بأنه لن يدخر جهدا في المحافظة على أمن وسلامة أمريكا ، وأن الاستراتيجية ستساعد في المحافظة على ها القسم” ،وتتكون من 34 صفحة بألتأكيد على مقولة “أنّ أمريكا أمة ما زالت في حالة حرب ،وأن القرن الواحد والعشرون هو قرن الأزمات ،وليس من المحتمل تغير ذلك في المدى المنظور” .
ما الجديد في الاستراتيجية ؟
رغم ما قيل بأن الاستراتيجية جديدة وشاملة ، إلا انها بشكل او آخر استمرارية لاستراتيجيات باراك أوباما 2011 وقبلها استراتيجية جورج بوش الأبن في ولايته الثانية .

و لا أعتقد بأن هذا يقلل من أهمية وشأن الاستراتجية على اعتبار أنها نوع من التخطيط الاستراتيجي المستمر الذي يتغير حسب تطور الأوضاع والظروف السياسية ،لكن يمكن رصد ثلاثة تطورات مهمة عليها:
1-بروز تنظيم داعش والتأكيد على خطورتة في التجنيد والدعاية.
2-تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجماعات الارهابية خاصة داعش والقاعدة .
3-تحدي عودة “المقاتلين الارهابين الأجانب” الى بلادهم بعد الهزائم المتكررة لتنظيم داعش في معاقله الرئيسة في العراق وسوريا.
وقد أكدت الاستراتيجية على أن الوضع الحالي يتطلب مقاربة جديدة لمكافحة الارهاب ضد شبكات لارهاب العالمي ، والشبكات الارهابية التي تمولها الدول مثل ايران ،والمخاطر الداخلية التي تلهمها الدعاية لارهابية ،مثل جماعات اليمين الأمريكي المتطرف ،  والتأكيد بأن أمريكا ستهزم ما وصفهم “الارهابين الراديكالين الاسلاميين وعلى رأسهم تنظيم” داعش” والقاعدة وفروعه ،بالاضافة الى الشبكات الإرهابية التي تدعمها ايران مثل حزب الله اللبناني ، وحماس ، وحركة الجهاد الاسلامي في غزة .
وفى الشأن ذاته، أعلن جون بولتون مستشار الأمن القومى الأمريكي، أن الاستراتيجية الجديدة أشمل من سابقاتها والأولى من نوعها منذ عام 2011 (يقصد استراتيجية الرئيس باراك أوباما)لأنها تشمل مقاربة لايديولوجية الإرهاب، وتضم توجيهات للتعامل مع التهديدات وتوقعها
وستركز على حماية الولايات المتحدة وحدودها وبنيتها التحتية. مؤكداً أن واشنطن ستعمل مع حكومات أجنبية وستحثها على “تقاسم الأعباء” فيما يخص مكافحة الإرهاب فى الداخل والخارج، نظرا لأن الجماعات الإرهابية المتطرفة تمثل أبرز تهديد عبر الحدود للولايات المتحدة ولمصالحها فى الخارج.

الإرهاب داخل أمريكا 

بعد أسبوعين فقط من اعلان الاستراتيجية تعرضت أمريكا لإرهاب اليمين الأمريكي المتطرف (حتى وأن وصفت العمليات بأنها جرائم كراهية ،وليس إرهاب ) العملية الأولى الأربعاء 24-10-2018م الطرود العشر المشبوه (مفخخة) التي قام بإرسالها شخص متطرف يُدعى (سيزار سايوك، عمره 56سنه  )يدعي أنه من المؤيدين بشدة للرئيس ترامب ، الى أوباما ، هيلاري كلنتون ، جون برينان ،جيمس كلابر ، جورج سورس ، جو بايدن ، والممثل روبرت دي نيرو ،ومحطة سي.أن.أن حيث يواجه اليوم عقوبة تصل الى السجن لمدة 58 سنه . المعلومات الأولية تشير الى أنه تصرف لوحده ؟. غير أن المدعي العام الأمريكي جيف سيشنز وصف العملية  (الجمعة 26-10 ) بأنها “عنف سياسي”. ولم توصف بأنها عمل إرهابي ؟

العملية الثانية التي تعتبر أخطر وافظع عملية تستهدف اليهود في  تاريخ أمريكا  حيث قام (روبرت بورز ،40 سنه )امريكي ابيض من اليمين الأمريكي المتطرف بإطلاق النار بتاريخ السبت 27-اكتوبر 2018م داخل كنس يهودي في مدينة بتسبيرغ-بنسلفانيا وقتل 11 شخص وجرح 6 اخرين . ولقد وصف المحققون العملية بأنها “جريمة كراهية” ضد اليهود .ولم توصف بأنها عمل إرهابي  ؟

وقد يتبادر للأذهان سؤال لماذا لم توص هذه العميات بالإرهاب في أمريكا ؟

والجواب : أن المشرع والقانون الأمريكي حذر جدا في وصف هذه العمليات بالإرهابية من منطلق تعريف لعمل الإرهابي وارتباطه بتحقيق أهداف سياسية للجهة المنفذة، وهو ما تفتقده هذه العمليات. ورغم ذلك فأن هناك جدل كبير داخل أمريكا حول هذ الأمر .

يبدو أن التحدي الأول لاستراتيجية ترامب لن يكون نظيم القاعدة او داعش أو ايران ؛بل الإرهاب الذي تمارسه جماعات اليمين المتطرف داخل أمريكا المعارضة للسامية ، والأقليات ، والمهاجرين ،والحكومة الفيدرالية الامريكية .

 


About Author

Saud Al-Sharafat ,Phd https://orcid.org/0000-0003-3748-9359 Dr. Al-Sharafat is a Brigadier-General (Ret), Jordanian General Intelligence Directorate (GID). Member of the National Policy Council (NPC), Jordan, 2012-2015. The founder and director of the Shorufat Center for Globalization and Terrorism Studies, Amman. His research interests focus on globalization, terrorism, Intelligence Analysis, Securitization, and Jordanian affairs. Among his publications: Haris al-nahir: istoriography al-irhab fi al-Urdunn khelall 1921-2020} {Arabic} {The River Guardian: the historiography of terrorism in Jordan during 1921-2020}, Ministry of Culture, Jordan, www.culture.gov.jo (2021). Jordan, (chapter)in the Handbook of Terrorism in the Middle East, Insurgency and Terrorism Series, Gunaratna, R. (Ed.), World Scientific Publishing, August 2022, 47-63 https://doi.org/10.1142/9789811256882_0003. Chapter” Securitization of the Coronavirus Crisis in Jordan, “Aslam, M.M., & Gunaratna, R. (Eds.). (2022). COVID-19 in South, West, and Southeast Asia: Risk and Response in the Early Phase (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003291909

Leave A Reply