الارهاب الديني

0

الدكتور سعود الشرفات مدير عام ومالك مركز شرفات

 

 

المقصود هنا ” الإرهاب الذي يكون الدين هو الدافع لارتكابه” .

و يحتل مكانة مهمة وحساسة؛ نظراً لما يكتنف التفسيرات الدينية المختلفة من جدل وخلاف، وبخاصة في ظل الاتجاة العام (Trend) لبروز ظاهرة هذا الإرهاب خلال العقدين المنصرمين وحتى الآن، إذ تشير الدراسات في هذا المجال إلى أنّ الدين “بشكل عام” كان العامل الرئيس للإرهاب حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي؛ إذ توقف هذا الاتجاه (Trend) مُخلياً الساحة لما يسمى في أدبيات الإرهاب بالإرهاب العلمانيّ (Secular Terrorism) ” بمعنى الإرهاب الذي كانت ترتكبه الجماعات والشبكات غير الدينية، وكانت دوافعه في الأساس وطنية، وقومية، ويسارية موجهة غالباً ضد الاستعمار، أوالمحتلين، أو من يمثلونهم، والذي حفزته بشكل كبير الثورة الفرنسية، بما فيها من مبادئ للحرية والاستقلال، ثم نشط بعد الحرب العالمية الثانية، حتى بلغ ذروته خلال الفترة الممتدة من 1960- 1970 لكنّ هذا الاتجاه للإرهاب “العلمانيّ” توقف أيضاً مع وصولنا أعتاب عقد الثمانينات؛ ذلك أنه مع حلول عام 1980 عاد “اتجاه” الإرهاب الدينيّ للظهور مرة أخرى، وبقوة هذه المرة([1]).

وهكذا فإنه، ومع نهاية التسعينات، كان يمكن للدراسات الكمية أن ترصد أربعة اتجاهات (Trends)([2]) للإرهاب الحديث، هي:

  1. زيادة في حوادث الإرهاب المدفوعة دينياً.
  2. انخفاض في العدد الإجماليّ لحوادث الإرهاب.
  3. زيادة في حجم الإصابات القاتلة في كلّ هجوم.
  4. زيادة في استهداف الأمريكيين, حيث ارتفعت هذه النسبة بشكل مذهل من (20%) في الفترة من 93 ـ 1995 إلى نسبة (50%) سنة 2000، وبمعنى آخر ارتفع من (66) هجوماً سنة 1994 إلى أكثر من 200 هجوم سنة 2000 ، وتشير إحصائيات مؤسسة (رند وجامعة سان أندروز)في اسكتلندا من خلال تقويمهم السنويّ للإرهاب الدوليّ([3]) بأنّ الإرهاب الدينيّ أصبح مألوفاً حتى قبل هجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية، لكن اتجاهاته وميوله أصبحت أكثر تسارعاً .

ففي سنة 1986 كان هناك (11) جماعة إرهابية دولية علمانية، لكن لم يكن هناك أية جماعة دينية ـ ثم عام 1980 من أصل (64) جماعة إرهابية دولية، كانت هناك جماعتان دينيتان فقط، ثم بدأ الاتجاه بالتصاعد، بعد الثورة الإيرانية ليصل عام 1995 إلى (26) جماعة دينية من أصل (56)([4]).

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: Burgess, Mark, Explaining Religious Terrorism, P.4.

ويلاحظ من خلال قراءة هذا الرسم البياني بأن هناك ميلاً واتجاها جديداً، اعتباراً من سنة 1996 لإرهاب الجماعات العلمانية، وانخفاضاً في عدد الجماعات الدينية، غير أن هذا الاتجاه يبقى مضللاً ـ حسب وجهة نظر بعض الباحثين ـ من جهة أنّ تأثير الجماعات الدينية كان أكبر، وأكثر فتكاً، ولم يدرك آنذاك حتى جاءت هجمات 11/ أيلول الصاعقة التي بينت وكشفت خطورة خلط الإرهاب بالدين، ثم اختصت الإسلام إلى حدّ بعيد بهذا الإرهاب.

وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة الدموية من الإرهاب الدينيّ تتجاوز الإسلام، وبخاصة أن الأدبيات الكمية للإرهاب تشير إلى أن أكثر الهجمات عنفاً قبل أيلول 2001 (التي قام بها إرهابيون مسلمون) كانت عملية تفجير أوكلاهوما 1995 التي أسفرت عن مقتل (168) شخصاً قام بها ونفذها شخص من المليشيا المسيحية([6]).

والملاحظة الأخرى الجديرة بالتنويه, هي أنه وحتى سنة 1996 ظل الإرهاب العلمانيّ ” هو الاتجاه المسيطر”(33) جماعة من أصل (46) جماعة إرهابية في تلك السنة([7]).

إضافة إلى ذلك فإن بعض الدراسات الكمية ” تشير إلى أنه وخلال الفترة الممتدة من 1979 – 2002 شهدت (22) دولة أروبية (أوروبا الغربية فقط) والولايات المتحدة ما مجموعه (2799) حادثة إرهابية, كان منها (386 حادثة) اتهمت فيها جماعات إسلامية،    و(2423) حادثة اتهمت فيها جماعات غير إسلامية راديكالية؛ أي أنّ ما نسبته (13,8 %) من مجموع الحوادث الإرهابية نسبت إلى الجماعات الإسلامية([8]) ومع ذلك فإن المشهد الإرهابيّ الراهن يسيطر عليه الإسلاميون الذين يتخذون الدين وسيلة لأغراض سياسية([9]).

[1] . Burgess, Mark, 2004, P.3-4

[2]. Kurth Audrey, Cronin, “Behind The Curve: Globalization And International Terrorism, Intenational Security” 27, No.3 (Winter 2003) PP.42-43.

[3]. Ibid, P.42 .

[4]. Burgess, 2004, P.4.

[5]. Burgess, 2004, P.4.

[6]. Burgess, Mark, 2004, PP.4-6 .

[7]. Ibid.

[8]. Barros Pestana, Carlos And Proenca,Isabel, “Technical University Of Lisbon, Portugal”, Journal Of Conflict Resolution, Vol.No2,April 2003pp.298-301.

[9]. هوفمان، ويلفريد مراد، مرجع سابق، ص97 .


About Author

Saud Al-Sharafat ,Phd https://orcid.org/0000-0003-3748-9359 Dr. Al-Sharafat is a Brigadier-General (Ret), Jordanian General Intelligence Directorate (GID). Member of the National Policy Council (NPC), Jordan, 2012-2015. The founder and director of the Shorufat Center for Globalization and Terrorism Studies, Amman. His research interests focus on globalization, terrorism, Intelligence Analysis, Securitization, and Jordanian affairs. Among his publications: Haris al-nahir: istoriography al-irhab fi al-Urdunn khelall 1921-2020} {Arabic} {The River Guardian: the historiography of terrorism in Jordan during 1921-2020}, Ministry of Culture, Jordan, www.culture.gov.jo (2021). Jordan, (chapter)in the Handbook of Terrorism in the Middle East, Insurgency and Terrorism Series, Gunaratna, R. (Ed.), World Scientific Publishing, August 2022, 47-63 https://doi.org/10.1142/9789811256882_0003. Chapter” Securitization of the Coronavirus Crisis in Jordan, “Aslam, M.M., & Gunaratna, R. (Eds.). (2022). COVID-19 in South, West, and Southeast Asia: Risk and Response in the Early Phase (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003291909

Leave A Reply