الارهاب والعنف السياسي

0

Screen Shot 2015-08-19 at 7.17.50 PM 

 

يتم النظر الى الارهاب من زاوية الكره والرفض له و غياب النظرة العلمية في الدراسة، والإغراق بعيداً باتجاه الجانب الأخلاقي للظاهرة ([1]).

ويؤكد معظم الباحثين بأن الإرهاب هو شكل من أشكال العنف السياسيّ         (Forms Of Political Violence) ([2])، وهذا يعود إلى الجذور التاريخية للمفهوم التي تعود إلى فترة الرعب الذي رافقت الثورة الفرنسية (1793-1795) كما أنه أسلوب من أساليب الصراع، ويمكن أن يشكل استراتيجية خاصة للقائمين به([3]).مثلا داعش اليوم .

لكنّ باحثين مهمين للظاهرة، مثل ولتر لوكير (Laqueur) يجادلون بأنه مهما كان تعريف الباحثين للمفهوم فإنه سيُرفض من بعضهم لأسباب أيدولوجية”([4]). وبأن الصفة الرئيسة للإرهاب هي اشتماله على العنف (Violence)، والتهديد باستخدام هذا العنف ([5]).

كذلك فإنه من المفيد الإشارة في هذه الدراسة إلى أن الإرهاب يختلف عن مفاهيم أخرى قد تبدو قريبة وتختلط بمفهوم الإرهاب لدى بعض الناس، و فيما يلي أبرز هذه المفاهيم:([6])

(1) الإرهاب والصراعات العسكرية المسلحة قد تتشابه في الأهداف، وذلك حينما يكون الهدف هو إحداث “الصدمة” و”الرعب” عند العدو، لكن الاختلاف هو أن الصراعات العسكرية المسلحة شكل من أشكال الحرب التقليدية .

(2)  الإرهاب وحرب العصابات ((Guerrilla Warfare: ويكمن التشابه “في حجم المشاركين”؛ بمعنى أن مجموعات صغيرة نسبياً تسعى لتحقيق أهداف كبيرة، وذلك باستخدام العنف المنظم ضد أهداف عسكرية، ويمكن اعتباره شكلاً من أشكال “الحرب التقليدية” موجّه ضد القدرات العسكرية للخصم، ومع ذلك فإن حرب العصابات تقترب أيضاً من الحرب غير التقليدية، وذلك من ناحية اعتمادها تكتيك: التخريب والتدمير، أو الإكراه والإجبار، فمن ناحية ما تقوم بدعم أطراف بطريقة سرية ضد نظام سياسيّ معين، ومن ناحية الإكراه والقهر والتخويف (Coercive Context) تسعى مجموعات حرب العصابات إلى زيادة شعور الدولة المعنية بالخوف، والخطر المحدق .

(3) الإرهاب، وجرائم الكراهية (Hate Crimes): وهنا فإن مهاجمة شخص بسبب الكراهية له لأسباب تتعلق بقوميته ودينه، لا ترقى لفعل العمل الإرهابيّ، لأنها لا تتضمن النية السياسية والنفسية التي تقف وراء العمل الإرهابيّ، فعلى سبيل المثال؛ فإن قيام أحد الأشخاص بمهاجمة موظف الخطوط الجوية الإسرائيلية(إلعال) في مطار (لوس أنجلوس) الولايات المتحدة عام 2002م قد يبدو للوهلة الأولى عملاً إرهابياً، على خلفية العنف الإسرائيليّ العربيّ الإسلاميّ في الأراضي المحتلة، لكنه في الحقيقة صورة عنيفة من السخط والعنف بدافع الكراهية، لذلك فإن الكراهية تجاه جماعة معينة قد تحفز وتدفع العنف المنوى القيام به؛ إما إلى قمع الإرادة السياسية لتلك الجماعة، أو دفعها إلى مغادرة منطقة معينة، وفي مثل هذه الحالة فإن العنف يمكن أن يوصف بالإرهاب([7]).

(4)    الإرهاب والمجرمون المختلون عقلياً ( Mentally Ill Criminals ) .

تشير الدراسات المتخصصة بأن الإرهابيين- مقارنة بالأشخاص العاديين- لا يعانون عادة من أية مشاكل نفسية سريرية، أو مشاكل الاضطراب النفسيّ، بل ـ بالعكس ـ فإن الخلايا الإرهابية تتطلب استعداداً نفسياً على درجة عالية من اليقظة والاستعداد النفسيّ والبدنيّ المتوازن والقدرة على العمل السريّ، كذلك فإن المنظمات والشبكات الإرهابية تقوم وبشكل مستمر بإدامة مراقبة وفحص أعضائها، لأن وجود أي عضو غير مستقر أو مضطرب نفسياً، يمكن أن يعرّض أمنها وعملياتها للخطر.

(5)    الإرهاب والعمل الفرديّ أو الذئب المنفرد : Lone Wolves

إنّ بعض الجماعات السياسية لا تسمح بإمكانية اعتبار” العمل الفردي” إرهاباً، أو أن يكون فاعله إرهابياً، وعلى سبيل المثال فإن مكتب التحقيقات الفدرالية (FBI) يصرّ بأنه حتى يكون العمل إرهابياً، فيجب أن ينفذ عن طريق جماعات متشابهة (Like-Minded) وليس عن طريق أفراد يعملون وحدهم([8]).

ولا يمكن اعتبار العمل الفردي إرهاباً؛ لأنه ليس ضد عدوّ يتمتع بشرعية راسخة وبمحتوى اجتماعيّ واسع([9])، ويشير بعض الباحثين إلى أن النظرية ” البنائية الاجتماعية ” تصف إرهابيي العمل الفردي (Lone W) بأنهم يملكون دوافع مختلفة، ويرتكبون أنواعاً مختلفة من الهجمات، ويمكن ردعهم عن ارتكاب جرائمهم بأساليب متعددة([10]).

(6)   الإرهاب والجرائم، التقليدية Traditional Crime :

فهناك اختلافات جوهرية بين الاثنين، لأن المجرمين التقليديين يسعون لتحقيق أهداف شخصية: كالمال، والسلع المادية، أو القتل أو جرح ضحايا محددين، وهم ليسوا معنيين بكسب الرأي العام، بعكس الإرهابيين الذين يسعون للحصول على دعم الرأي العامّ. وينظرون إلى فوائد العمل بحد ذاته، ومعظم الإرهابيين يسعون إلى تغيير النظام (أو عناصر في هذا النظام، كذلك فإن الإرهابيين لا يعدّون أنفسهم كذلك، لا بل يجادلون بأن المجتمعات ورجال الأمن الذين يطاردونهم هم الإرهابيون([11]).

ونشير هنا إلى أنه بالرغم من أن الإرهابيين قد يستخدمون الجرائم التقليدية خلال نشاطاتهم، فإن المهم ليس الجرائم بحد ذاتها لتمييز العمل الإرهابيّ عن الجريمة التقليدية، بل إن النظرة إلى الجرائم باعتبارها وسيلة لتحقيق أهداف محددة، وهو ما يشكل الفرق بينهما.

ففي الدول الديمقراطية مثلاً هناك كثير من الوسائل التي يمكن أن يقوم الفرد أو الجماعة باستخدامها للحصول على أهدافهم، ومن أهمها: الانتخابات، والمسيرات، والاجتماعات، والمظاهرات، وغيرها من وسائل التعبير عن الرأي، لكن الإرهابيين لا يؤمنون بهذه الوسائل السلمية؛ لأنهم يرون في العنف” (Violence) الوسيلة المناسبة لتحقيق أهدافهم([12]).

[1]. [1]. Merari, Ariel, op. cit., P. 213.

[2]. Ibid, P.213

[3]. Burgess, Mark, Terrorism: The problems of the finishing, center for defence information, August 1, 2003, p.2., Http://www.cdi.org/ friendlyversoin/preventiveversion .sfm?documentID=1564,22,2,2007

[4]. Ibid, P.1.

[5]. Wikipedia, Terrorism, 2006, p.3, http://en.wikipedia.org/wiki/terrorism, 14, 8, 2006.

[6]. Ibid, P.23..

[7]. april 17, 2003, pp.1-2, Boehlert, Eric, Terrorism Or Hate Crime?, Salon.Com..http://www.en.wikipedia.org./wiki/terrorism

.

[8]. Wikipedia, 2006, P.3

[9]. Della Porta, Donatella,“Left-Wing Terrorism In Italy”, University Park: Pennsylvania State University Press, 1995, Ch.4,PP.105-159

[10]. Boehlert, Eric, op.cit., P.3.

[11]. Al-Khattar,op. cit., PP. 19-20.

[12]. Al-Khattar,op. cit., P. 20.


About Author

Saud Al-Sharafat ,Phd https://orcid.org/0000-0003-3748-9359 Dr. Al-Sharafat is a Brigadier-General (Ret), Jordanian General Intelligence Directorate (GID). Member of the National Policy Council (NPC), Jordan, 2012-2015. The founder and director of the Shorufat Center for Globalization and Terrorism Studies, Amman. His research interests focus on globalization, terrorism, Intelligence Analysis, Securitization, and Jordanian affairs. Among his publications: Haris al-nahir: istoriography al-irhab fi al-Urdunn khelall 1921-2020} {Arabic} {The River Guardian: the historiography of terrorism in Jordan during 1921-2020}, Ministry of Culture, Jordan, www.culture.gov.jo (2021). Jordan, (chapter)in the Handbook of Terrorism in the Middle East, Insurgency and Terrorism Series, Gunaratna, R. (Ed.), World Scientific Publishing, August 2022, 47-63 https://doi.org/10.1142/9789811256882_0003. Chapter” Securitization of the Coronavirus Crisis in Jordan, “Aslam, M.M., & Gunaratna, R. (Eds.). (2022). COVID-19 in South, West, and Southeast Asia: Risk and Response in the Early Phase (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003291909

Leave A Reply